على هامش الاعتقالات في صفوف العدل والإحسان
1- مقدمات ممهدات
المقدمة الأولى:
يعلم الجميع أنه منذ أن كانت جماعة العدل والإحسان وهي تتعرض للحصار والقمع والاعتقالات والاختطافات ومحاولات الاحتواء والترويض. ولكن مع مرور الأيام تزداد شعبية الجماعة ومعرفة الناس بمشروعها ورجالها ونسائها في الداخل والخارج. ولاشك أن كل من يملك حسا سياسيا يدرك مدى أهمية هذه الحقيقة الساطعة: رغم كل أشكال الحصار والقمع فالمشروع يترسخ ويزحف ليحتل مواقع وينجز مواقف على وضوح تام ومسؤولية كبيرة.
المقدمة الثانية:
لقد أصبح معلوما لدى الجميع أن جماعة العدل والإحسان من أحرص التنظيمات على أمن واستقرار وطمأنينة المواطنين رغم ما تعرضت وتتعرض له، ورغم ما عانت وتعانيه، ورغم اللحظات الصعبة التي مرت وتمر عليها، وذلك معلوم حتى لدى أجهزة المخزن ومسؤوليه، بل ربما هم أكثر الناس إيمانا بهذا نظرا لخبرتهم في متابعة الجماعة ورصد حركتها ومفاهيمها وأسلوب تربية أعضائها.
المقدمة الثالثة:
لقد أصبح معلوما لدى الجميع أن الجماعة لم ولن تتبنى أسلوب العنف على الإطلاق في إنجاز مشروعها، وأنها دعت وتدعو إلى حوار واضح ومسؤول يتوج بميثاق جامع يكون مدخلا لعلاج أزمة الشعب المغربي في كل أبعادها وينظر إلى مستقبل الحرية بكل ثقة واطمئنان بدلا من اليأس والتيئيس. ولا أحد يزايد على هذه الحقيقة إلا من يريد أن يحجب الشمس بغربال مثقوب.
المقدمة الرابعة: لقد أصبح معلوما لدى الجميع أن الجماعة تجربة مغربية صرفة، وأنها ترفض على الإطلاق، ومهما كانت الظروف والأحوال، أي نوع من أنواع الاستقواء من الخارج، وأنها لم ولن تلجأ إلى أي نوع من العلاقة مع أية دولة أو حركة في الخارج، وأنها منفتحة على كل التجارب دراسة ونقدا واستفادة من خلال مفاهيمها الخاصة وتصوراتها التي ترفض أي نوع من أنواع السرية والغموض. فملاذها شعبها ومشروعها الذي تعرضه على الشعب المغربي وعلى أمة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى الإنسانية المعذبة بفعل حضارة مقطوعة عن الله عنيفة على الإنسان في أبشع صور العنف.
المقدمة الخامسة: لقد أصبح معلوما لدى الجميع أن الجماعة لم ولن تسعى إلى هدم الدولة والسلطة بما هما مكسبان تاريخيان للأمة والإنسانية في صراعها مع الفوضى والعنف والغموض والخوف. وأن موقفها هذا لا يمنعها من قول الحق والعمل على بنائه من طبيعة النظام السياسي الذي يملأ اليوم هاتين المؤسستين الحيويتين والمصيريتين ويحتكرهما، وأنه يجب أن يتحول من نظام الاستبداد والاحتكار إلى نظام الحرية والعدل السياسي والاجتماعي، وأنها واعية بالثمن الذي ستقدمه بسبب موقفها هذا.
إن الجماعة لم تختر الأسلوب السهل، أسلوب الدعوة إلى هدم الدولة والسلطة كليا، حين يكون نظام سياسي احتكر وملأ مؤسسة الدولة والسلطة بنوع من الاستبداد والفساد والإفساد. وهو اختيار جربته الكثير من الحركات الإسلامية وغير الإسلامية ولم يكن إلا خرابا وهرجا ومرجا وعنفا. والعنف يهدم ولا يبني ويفسد ولا يصلح. ولم تختر الأسلوب الأسهل والمريح بالدعوة العمياء إلى الانخراط في كل تفاصيل العملية السياسية حيث تتعقد عملية التغيير لما تصير ماهية الدولة والسلطة هي ماهية النظام السياسي فيقهر الجميع ويسلّم الجميع وينبطح الجميع طال الزمن أم قصر. ولكنها اختارت منهج الصبر والوضوح حتى تقويض كل امتدادات الاستبداد وتبعاته من كل أنواع الفساد. ولا شك أن ذلك يطلب نفسا طويلا وزمنا غير يسير. وقد أثبتت الأيام أن هذا المنهج المتكامل يؤتي أكله وثمراته بإذن ربه، كما أصبح واضحا للجميع جدواه وفعاليته.
كل هذا، وغيره، لأن جماعة العدل والإحسان جماعة دعوة إلى الله على المنهاج النبوي، وبالمناسبة فإني أدعو كل الباحثين والمهتمين بالعمل الإسلامي إلى دراسته ومدارسته مع أهل العدل والإحسان فلعلهم يكتشفون سر الجماعة وجوهر وجودها.
2- السؤال الكبير!!إذا كانت هذه هي حقيقة الجماعة، فلماذا يصر المخزن والنخبة المتحالفة معه على التمادي في قمعها وحصارها ومحاولة القضاء عليها وقد أكدت الأحكام الصادرة عن محاكم المملكة قانونيتها وشرعيتها وأن الجماعة تعمل وفق القوانين الجاري بها العمل على علاّتها وتحفظاتها على الكثير منها؟
إنه سؤال محير للرأي العام ولاشك، خاصة وأن الحملة الأخيرة المؤطرة بما عرف في الإعلام بمذكرة وزارة الداخلية إلى الولاة لمتابعة الجماعة ورصد نشاطاتها وحركات أعضائها، جاءت والجماعة، فقط وفقط، نظمت ودعت إلى تنظيم وقفات قصيرة وسلمية تضامنا مع ضحايا الغطرسة الصهيونية في الأرض الفلسطينية.
فلم تدع إلى تحريك الشارع المغربي احتجاجا على الزيادات الصاروخية، ولم تدع إلى مظاهرات لإسقاط النظام أو الضغط عليه؛ فهي نظمت قواعدها ودعت الشعب المغربي إلى التضامن مع غزة الجريحة وفلسطين السليبة وكفى، ليفاجأ الجميع بردة فعل المخزن تراوحت بين الاختطافات والاعتقالات وإنجاز محاضر متابعات وتوظيف ضربات الهراوات. فلماذا كل هذا العنف ضد تنظيم سلمي، ولماذا هذا العنف ضد أكبر تنظيم سياسي يشكل أهم عنصر استقرار للوطن في الوقت الذي يراد أن تسود الفوضى الهدامة من خلال الفوضى الخلاقة، وفي الوقت الذي وصل جرح الشعب المغربي مداه؟
سؤال كبير بالإجابة جدير.
3- الجواب الكبير!!بما أن الأمر بهذه الدرجة من الخطورة تجاه قضية حقوق الإنسان في المغرب، وبما أن الأمر يرتبط بقضية ضمان أمن الوطن واستقراره حيث تستهدف أكبر قوة سياسية ومجتمعية ساهرة على أمن الوطن والمواطنين واستقرارهم وطمأنينتهم، وساهرة على أن لا يتسرب إلى المجتمع أي من قيم العنف وأفكاره لتعارضها مع كرامة الإنسان وحقيقة الدعوة إلى الله تعالى، وبما أن الدولة/السلطة/النظام هي أداة هذا القمع الشامل على هذا التنظيم الجامع لشرائح هامة من المجتمع المغربي ولا تهمّه إلا قضايا الحق والعدل والحرية سواء بالنسبة للشعب المغربي والأمة المحمدية أو الإنسانية، فإن الأمر يتعلق بقضية بالغة الأهمية والخطورة في تاريخ المغرب السياسي المعاصر..
وأمام هذا الصمت المروع لجل منابر الإعلام، ولجل مكونات النخبة، وعجز الباحثين عن قول الحق الذي قد ينطقون به في صالونات البحث الفكري والجدل الأكاديمي، فإن الشعب المغربي أمام ضرورة محاكمة علنية للضمير والقانون.
لكن، بما أن هذه المحاكمة العلنية مستحيلة، فأستسمح القراء الكرام في وضع سيناريو محاكمة افتراضية للجواب عن السؤال الكبير. نعم هي محاكمة افتراضية، لكنها تاريخية. وقد لجأت لهذا الأسلوب في الكتابة لما وجدت المقال التحليلي الذي عودت به قرائي الكرام عاجزا كل العجز عن إيصال الحقيقة.
أ- المحكمة:
- الحدث: محاكمة الضمير والقانون والمخزن في المغرب جوابا عن سؤال التمادي في قمع أكبر تنظيم سياسي ومجتمعي في المغرب.
- المكان: ساحة الشهداء أمام مقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان.
- الرئيس: الضمير الحقوقي الإنساني.
- النيابة العامة: الكرامة الإنسانية.
- الدفاع: الوهم المخزني من جهة أولى، وكل الغيورين والفضلاء ورجال القانون والحقوقيون والشعب المغربي من جهة ثانية.
- المتهمون: الضمير والقانون المغربيان والمخزن المغربي من جهة أولى، وجماعة العدل والإحسان من جهة ثانية.
- المراقبون: الرأي العام المحلي والدولي.
ب- المرافعات:دخل الضمير الحقوقي فضاء المحاكمة فارتفع صوت عاليا: محكمة، فوقف الجميع.
كان الضمير الحقوقي الإنساني رجلا جميلا أنيقا مرتديا بذلة خضراء تخترقها خطوط من اللون الأبيض.
- جلس الجميع ثم صرح الضمير الحقوقي الإنساني:
أيها الحضور الكريم،
إننا في هذه المحاكمة العادلة والتاريخية سنجيب عن السؤال التهمة: لماذا تضطهد جماعة العدل والإحسان في المغرب من طرف أجهزة المخزن في المغرب؟
إننا سنحرص على بيان الحقيقة؛ فإذا كانت هذه الجماعة التي ذاع صيتها في المغرب وخارجه تستحق العقاب سنعاقبها وفق القيم الإنسانية والقوانين الفاضلة ونبرئ المخزن من فعلاته والضمير والقانون المغربيين عن صمتهما. وإذا كانت بريئة فإننا سنعاقب الجناة بما تقتضيه القوانين الجاري بها العمل؛ فالقانون يجرم اضطهاد الدولة لمواطنيها.
فبعد أن عرفنا في المقدمات أعلاه المعلومات الشخصية عن هذه الجماعة، فإننا سنعرض عليها الاتهام لنفتح باب المرافعات. أولا: من جهة الجماعة، وقد لاحظت من خلال مراقبتي لجغرافية الجلسة أنها فضلت، أي الجماعة، وهذه سابقة في المحاكمات، أن تكون مجرد مراقب وملاحظ في هذه المحاكمة التاريخية، وتعلمون أن المراقب والملاحظ لا يمكن أن يؤثر في مجريات المحاكمة. وإذا كنت من موقعي وبصفتي أنا الضمير الإنساني ورئيس الجلسة لا أفهم لماذا تفضل جماعة العدل والإحسان في مثل هذه المواطن أن تكون مراقبا وملاحظا فقط، فإن الذي يهمّني هو الأدلة ومرافعات الدفاع والنيابة العامة، ولعل مجريات المحاكمة تجعلني أفهم موقف الجماعة هذا.
وإذا كانت الجماعة مصرة على أن تكون في وضع المراقب في هذه المحاكمة، فإن المتهم الذي هو الضمير والقانون المغربيان والمخزن، يصبح مطالبا بالدفاع عن نفسه أمام حجم ما تعيشه هذه الجماعة من اضطهاد.
وثانيا: من جهة الدفاع.
وثالثا: من جهة النيابة العامة. واسمحوا لي في هذه المحاكمة التاريخية والشعبية أن أذكر الحضور الكريم والرأي العام الوطني والدولي بأن الشعب المغربي يسمي النيابة العامة: ب"الغراق". وإن كنت لا أدري السبب في ذلك، فإني في هذه المحاكمة التاريخية، وبصفتي الضمير الإنساني سأكون صارما لأجل القيم الإنسانية النبيلة. ولعل، كذلك، مجريات المحاكمة ستكشف لي عن السبب في هذا اللقب.
وبعد،
أيتها الجماعة إنك متهمة من جهة المخزن بلاشيء حسب الصك الذي بين يدي، إذ لم أجد أية تهمة واضحة تجاهك، ولكني أجد ذكر اسمك يغطي جميع هذه الآلاف من الصفحات التي بين يدي والمكونة للملف.
فماذا تقولين؟
- الجماعة: إنني في هذه المحاكمة التاريخية والشعبية، وبما أنه لم أجد أي اتهام صريح موجه إلي، إلا ما حكمت محاكم المملكة ببطلانه وهو التجمع غير المرخص له، فإني سألتزم السيد الرئيس المحترم موقف الملاحظة والمراقبة لاعتبارين:
1- إنني مشغولة بقضايا هامة تتعلق بمصير الشعب المغربي ومصير الإنسانية، وقد حضرت هذه المحاكمة إكراما للضمير الإنساني الحقوقي وتقديرا للشعب المغربي ولكل الفضلاء.
2- إن لدي الثقة الكاملة في الدفاع المغربي من خلال كل الغيورين والفضلاء ورجال القانون والحقوقيين والشعب المغربي.
- الرئيس: أيها الضمير والقانون المغربيان، و أيها المخزن المغربي إنكم متهمون بما يلي:
- أما أنت أيها الضمير فإنك متهم بالصمت والسكوت عن جريمة الاضطهاد لمواطنين آمنين ويدعون إلى الأمن والاستقرار والحرية والعدالة حسب تصريحات جماعة العدل والإحسان.
- وأنت أيها القانون المغربي، فإنك متهم بعدم حماية حرية الأفراد على الرغم مما تحويه من نصوص تتعلق بحماية الحريات والحقوق.
- وأنت أيها المخزن، فإنك لم تحترم القانون، وتضطهد أناسا أمناء أبرياء حسب قراءتي لصك الاتهام.
- الضمير المغربي: لقد صدمني هول ما رأيت فأصابني الذهول، وإني أنتظر لحظة انتباهي الكلي لأقول كلمتي الفاصلة، والتي لا تخرج عن القيم الإنسانية النبيلة. وساعتها السيد الرئيس المحترم ستكتشفون أني نظيف كما أنتم نظيفون وأنيق كما أنتم أنيقون وجميل كما أنتم جميلون. وتعلمون أن الحرية تاج فوق رؤوس الخلق إن لم يحافظ عليه يسرقه سارقو القيم الإنسانية ومدمرو الحضارات. ولذلك فإني أطلب من سيادتكم منحي فرصة لاستكمال كل قواي ضمانا للمحاكمة العادلة.
- القانون المغربي: السيد الرئيس المحترم: إني مررت بتقلبات شديدة وكثيرة حتى وصلت إلى الهيأة التي تشاهدونني عليها اليوم، وإني سيدي إذ أدفع عن نفسي الاتهام الموجه إلي، فإني أطلب من سيادتكم فرصة لأدلي بجميع الحجج والأدلة التي تخول لكم إصدار الحكم الصائب حول كفاءتي من عدمها في حماية حقوق الناس. ثم إني لا أستطيع القيام بواجبي في وطني المغرب دون وجود الضمير المغربي، لذلك فأنا مجرد خادم لا أقل ولا أكثر.
- المخزن المغربي: السيد الرئيس، إن تاريخي الطويل في التعامل مع بني البشر في المغرب خول لي خبرة كبيرة في معرفة خفايا النفوس وأسرار النوايا؛ ولذلك فإني أقوم بحرب استباقية، كما تعلمت من تجارب عظماء الزمان. ذلك أن تقديري، بناء على خبرتي الطويلة، يفيد أن جماعة العدل والإحسان يمكن أن تهدد الأمن العالمي في غضون 200 سنة القابلة، ولذلك، ولأجل أن أتفرغ لحل مشاكل المغرب العويصة الآنية المتعلقة بالمعيشة والخبز والاقتصاد والسياسة قررت توجيه الضربات الاستباقية التي تحمي الإنسانية وقيمها النبيلة من مشروع العدل والإحسان بما هو مشروع عالمي وكوني. ولذلك فإن قضية الضمير المغربي والقانون في جانبه الإيجابي الذي يحمي حقوق الناس لا يهمني بمعيار خبرتي الطويلة في الكشف عن النوايا والأسرار التي لا قدرة للضمير والقانون على كشفها.
الرئيس: الكلمة للدفاع:
دفاع المتهمين:
- الوهم المخزني: السيد الرئيس المحترم، إن موكلي؛ الضمير والقانون والمخزن المغاربة، كلهم لا يعرفونني حقيقة لأنني أنا شيء متخيل في المستقبل ومجرد خواطر في قلب بعض الناس. وقد تطوعت للدفاع عنهم لما أتوفر عليه من حس إنساني، وإن كان أحد أقاربهم قد طلب مني النيابة عنهم.
وبناء على تصريحات المتهمين الأولين؛ الضمير والقانون المغربيين، في جلستكم التاريخية هاته، فإني أسحب دفاعي عنهما على الإطلاق محتجا على ترددهما. وقد شممت من تصريحاتهما رائحة أن يستفيقا من غفلتهما، بسبب هول ما شاهدا، ويقفان موقفا مغايرا لمواقفي ومواقف موكلي الثالث الصلبة، وهو السيد المخزن، لذلك، السيد الرئيس، فإن موكلي هذا على صواب لما توهم أن جماعة العدل والإحسان تهدد الأمن العالمي، ولذلك فقد قدم خدمة جليلة للإنسانية حين انتبه إلى هذا وقام بحصارها وقمعها واضطهادها منذ أن كانت رجلا واحدا ثم ثلاثة ثم أربعة ثم خمسة ثم ستة ثم سبعة ثم ثمانية ثم تسعة ثم عشرة ثم عشرات ثم مئات ثم آلاف مؤلفة في داخل المغرب وخراجه.
لذلك السيد الرئيس، ومن منطلق فقهي للقانون في كل المجالات، فإني إذ أطالب ببراءة موكلي السيد "المخزن"، فإني أطالب بإدانة جماعة العدل والإحسان بما توهمت نسبته إليها بإنزال أقصى العقوبات عليها، كما أطالب بعدم أخذ تصريحات موكلي المتخلى عنهما "الضمير والقانون المغربيين" بعين الاعتبار لكونها تصب في صالح جماعة العدل والإحسان وتدفع في اتجاه إدانة صارخة لموكلي الصلب والثابت السيد المخزن العظيم.
- الرئيس: ولكن السيد "وهم المخزن"، لماذا تتقوى هذه الجماعة وتنتشر في كل بقاع الدنيا رغم هذا القمع والاضطهاد المستمر معها؟
- وهم المخزن: نعم السيد الرئيس، إن هذا أمر محير جدا، وإني أنا وهم المخزن والمخزن لم نستطيعا أن نفهم ذلك. وقد أصبح هو قضيتنا الكبرى اليوم بحيث نبحث له عن خبراء جدد لكشف حقيقته، لذلك السيد الرئيس، وأنت هو الضمير الإنساني الحقوقي، فلربما يرجع ذلك إلى أن هذه الجماعة تحمل مشروعا أصبحت له قاعدته الشعبية والجماهيرية، وتعلمون أن المخزن أشد ما يكره أن يزاحمه أحد على ولاء الجماهير ويتربع على عروش قلوبهم. ومن ثمة فلا ضير أن يجند الأوهام والخرافات والأعوان لضرب شعبية جماعة العدل والإحسان وإن لم تزاول عنفا لا في الخطاب ولا في السلوك. فلهذا السبب هي محظورة حسب الداخلية المغربية رغم أنف محاكم المملكة التي حكمت بقانونية اجتماعاتها وشرعية وجودها. فضلا عن أنها تهدد الأمن العالمي بعد حوالي 200 عام من الآن. وهذا صادر عن الوعي الاستراتيجي والمصيري الذي يتمتع به موكلي الصلب والثابت.
وعليه فإني أطالب بإدانتها وإنزال أشد العقوبات عليها، ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر الذي قد لا يعنيني في إطار الحرب الاستباقية الضرورية التي بناها موكلي الصلب والثابت على نظر مصلحي وإن كان متوهما وغير واقعي.
- دفاع جماعة العدل والإحسان:
- الغيورون والفضلاء ورجال القانون والحقوقيون والشعب المغربي.
تقدم الشعب المغربي فقدم نفسه بصفته منسق دفاع جماعة العدل والإحسان.
- الشعب المغربي:
السيد الرئيس المحترم،
وبصفتي منسقا لدفاع جماعة العدل والإحسان، فإن قولي هو قول كل الغيورين والفضلاء.
السيد الرئيس، إن موكلنا، وهو جماعة العدل والإحسان التي لم نعرف عنها إلا خيرا، ولا نشاهد منها إلا سمتا حسنا وعملا صالحا، فإننا لن نحلم ونتيه في الأوهام والخرافات والخزعبلات والتخرصات لندين ما نرى الواقع يشهد له بكل معاني الصلاح والفتوة والحفاظ على القيم الإنسانية.
ولولا مخافة الإطالة على محكمتكم الموقرة، السيد الرئيس المحترم، لسردت عليكم آلاف الصفحات من خطاب الجماعة وآلاف الصفحات عن أعمالها في الواقع المغربي، ولكن سأضع كل هذا بين يدي محكمتكم لثقتنا الكاملة فيكم السيد الرئيس، وذلك لتتطلعوا بالأدلة القطعية على أن الشعب المغربي وكامل قواه الحية والصادقة لا يمكن إلا أن يشهدوا على صلاح هذه الجماعة، وأن ما جناه الشعب المغربي من نعم بسبب وجودها ضمن أحضانه، ولو في زمن قصير، كاف لدحض كل أوهام السيد وهم المخزن.
السيد الرئيس المحترم، وبصفتكم الضمير الإنساني الحقوقي، ومن خلال هذه المحاكمة التاريخية والشعبية، فإني أطالب من جنابكم تطبيق معاني القيم الإنسانية النبيلة في هذه المحاكمة كما عهدناكم، لما في ذلك من عظيم الفائدة وجميل التكريم لكل المغاربة والإنسانية. كما أطالب بإدانة كل من يعتدي على حقوق المواطنين المغاربة المعنوية والمادية سواء من الداخل أو من الخارج.
وبما أن دفاع السيد المخزن لم يدل بأية حجة على ادعائه أو لأجل إثبات صحة وشرعية فعلاته، فإني لن أكلف نفسي عناء الجدال العقيم، بحيث من القيم العظيمة التي لاحظناها وتعلمانها نحن الشعب المغربي من سلوك جماعة العدل والإحسان أنها لا تنشغل بسفساف الأمور وأنها منصبة كليا على خدمتنا عملا على تحقيق قيم العدل والحرية والكرامة لنا جميعا ولكل الإنسانية.
الرئيس: الكلمة للنيابة العامة:
- النيابة العامة: في شخص الكرامة الإنسانية
السيد الرئيس المحترم، إني وجدت نفسي في حيرة شديدة في هذه المحاكمة الاستثنائية والتاريخية، وقد قلبت نظري حيث ادعاء الحفاظ من جهة المخزن على أمن الإنسانية، إذ في اعتقاده أن جماعة العدل والإحسان تهدده بعد حوالي 200 عام، في حين أن دفاع جماعة العدل والإحسان في شخص الشعب المغربي أدلى بآلاف الوثائق النظرية والعملية تبين أن هناك أدلة مادية جديدة تفرض إعادة النظر في تصوري وموقفي الذي تشكل لدي بناء على الوثائق المدرجة في المحضر..
ولذلك السيد الرئيس، فإني إذ أعتبر أن الضمير والقانون المغربيين على وضعية لا تسمح بمحاكمتهما اليوم وإدانتهما، فإني أدعو إلى دراسة وثائق الشعب المغربي التي قدمها في شأن سيرة الجماعة، وذلك ضمانا للمحاكمة العادلة.
السيد الرئيس المحترم،
إن المحاكمة العادلة تقتضي دراسة جميع المستندات دراسة عميقة ومقارنة. لذلك فإني أطلب من جنابكم تأجيل المحاكمة إلى جلسة قادمة لأتمكن من تكوين الرأي الفصل في هذه القضية التي تبين لي أن طرفيها الأساسيين ليسا هما الضمير والقانون والمخزن المغربي من جهة أولى وجماعة العدل والإحسان من جهة ثانية حسب المحضر المنجز، وإنما هما المخزن المغربي من جهة أولى والشعب المغربي من جهة ثانية حسب المعطيات الجديدة. وبهذا فقد طرأ تغير هام في جوهر المتابعة ومضمون المحاكمة. ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر.
بقلم الكاتب و الباحث مبارك الموساوي