التكامل التربوي
في مدرسة المنهاج النبوي
من خلال كتاب "القرآن والنبوة"
للأستاذ المرشد عبد السلام ياسين
                                                         الحلقة 1 
الفهرس:

لماذا كتاب "القرآن والنبوة"؟

إننا نعيش أحداثا دقيقة ومربكة في عالمنا الإسلامي المعاصر، وإن الأمة قدمت ثمنا باهظا إذ هي أكبر ضحاياها، كما دخلت جل البلاد المسلمة في متاهات لعبة الصراعات الهامشية والجزئية بين يدي قوى الغرب الهاجمة بكل ما تملك من قوة معنوية ومادية، وبين كماشة أنظمة سياسية حاكمة هي كل الفساد، بل عينه. من هنا كان لزاما البحث عن بناء سلوك متكامل يجدد حركة الأمة ويفتح أفقا للإنسانية يكشف عن حقيقة أملها في العيش الكريم والآمن والمطمئن بما يضمن شروط الاختيار الحر.
وقد يتساءل البعض هل كتاب "القرآن والنبوة" المتوسط الحجم، والذي لا تتعدى صفحاته المائة، يحوي الجواب عن هذا السؤال الكبير؟
الجواب نعم؛ لما يتضمنه من علم غزير وتماسك شديد في الاقتراح باعتباره كتابا يعرض أصول العمل التي ينبغي أن تُبنى عليها تفاصيل الحراك الميداني، وأسس القوة المجتمعية ورسم أفقها الاستراتيجي الجهادي المصيري، ذلك أن الأمة والإنسانية في حاجة إلى إعادة تفعيل أصول العمل وتحريكها بكل وضوح وصرامة ميدانيا ليكتشف الجميع ينابيع القيم الإنسانية والكونية الحقيقية في ظروف تدافعية وصراعية شديدة وحادة.
لذلك كان كتاب "القرآن والنبوة" أداة علم وعمل، فكان أداة تربية لعرضه أصولها، وقوة اقتراحية تصورية لكشفه تفاصيلها.

استراتيجية الكتاب

"كيف نعود ونتخذ القرآن إماما، وكيف نجتمع عليه علما وعملا، وكيف "ننظم" به ما بيننا. هذه هي الأسئلة الجوهرية" (القرآن والنبوة: ص: 16).
سبق معنا في مقال "المنهاج النبوي ونظرية الثابت والمتغير" أن الرجل وفق في إدراك حاجة الأمة والإنسانية اليوم، الكامنة في ضرورة عرض متجدد للأصول والمقاصد النبوية؛ أي أن ما يعرضه إنما هو المنهاج النبوي بما هو علم يبني عملا في أفق بناء نظام عالمي كوني يوفر معاني التكريم الإنساني والعدل الشامل.
وإذا علمنا أن ماهية "علم المنهاج النبوي" إنما هي معنى منجمع للخصال العشر وشعب الإيمان السبعة والسبعين متحركة على أرض الواقع لتبني جزئياته وفق قواعد هذا العلم وأفقها العملي الجهادي سندرك أن كتاب "القرآن والنبوة" ما هو إلا عرض مركز وجامع لأصل هذه الخصال بما يكشف من أصول التكامل التربوي وحركيته.
إن استراتيجية الكتاب هي الحبل الناظم لكل فقراته وعباراته ومفاهيمه، ولكل فصوله وتفاصيله، إذ لا تجد فيه كلاما زائدا أو خارجا عن سياق خدمته للقضية الجوهرية التي يعرضها، حيث لما يذهب إلى معالجة جزئية معينة فإنما من خلال كل علاقاتها بقضية الكتاب. وقبل أن نعرض لهذه القضية، نذكر بشكل مركز بعناصر هذه الاستراتيجية.
يتكون الكتاب من أربعة فصول:
-الفصل الأول: عبد يوحى إليه.
-الفصل الثاني: "قل ما كنت بدعا من الرسل".
-الفصل الثالث: الهجرة والنصرة.
-الفصل الرابع: الجهاد.
فالفصلان الأول والثاني يتحدثان عن الوحي والموحى إليه، وهو المبعوث من رب العالمين وخاتم النبيين والمرسلين، وذلك معنى الصحبة بصفة عامة.
والفصل الثالث يتحدث عن معاني الولاية بين المؤمنين، وهي حقيقة ولحمة الجماعة، وعن علاقتهم بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهذه اللحمة العضوية هي قلب المجتمع النابض، وهي الهدف العملي المباشر لحركة الدعوة.
أما الفصل الرابع فيتحدث عن وظيفة هؤلاء المؤمنين على كل المستويات، وهي الجهاد الذي يحمل معنى شاملا منسجما مع حقيقة الأفق الذي يسعى إليه: الخلافة الثانية على منهاج النبوة.
إننا هنا لسنا أمام عرض أكاديمي، ولا خطاب وعظي عاطفي مجرد، وإنما أمام لغة "المنهاج النبوي" الجامعة التي تستعمل عباراتها وألفاظها ومفاهيمها الدقيقة في الكشف والنقد والعرض والتفصيل.
وبعبارة أخرى إننا أمام روح جديدة جامعة توظف عبارات وألفاظ تحمل دلالات سلوكية دقيقة في عرض حقيقة الوحي والنبوة وبيان معنى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاتم الأنبياء والرسل، وبيان ما تركه من إرث لأمته ومن مسؤولية تاريخية على عاتقها تجاه نفسها والإنسانية.
وسنعتمد في بيان حقيقة التكامل التربوي كما يجسده "علم المنهاج النبوي" معنى "الدورة التربوية في مدرسة "المنهاج النبوي"، من حيث هي معنى وحركة يومية كاشفة عن نوع الشخصية التي تتخرج عبر مزاولة هذه الدورة والقيام بجميع مراحلها.
فمعنى الدورة التربوية في مدرسة المنهاج النبوي يروم تحقيق الصحبة على الطريقة النبوية، إذ بداية يرد الوارد، -وهو الطالب الدخول في حضن التربية النبوية التي سيتبين لنا بعد، إن شاء الله تعالى، أنها ليست تربية على الفكر المجرد ولا على الحركة الجوفاء ولا على السكون المتدروش القاتل- فتحتضنه الصحبة الرفيقة[1] فتؤهله برحمتها ورقها للاندماج في الجماعة من خلال خصلتي الصدق والذكر، وبذلك يُفتح له باب التوبة الشاملة ثم لذة العبادة لمّا يتخلص من قبضة العادة.
وفي طريق الاندماج في الجماعة هناك منزلق مهدد، إذ إذا اشتغل الوارد بما يرد عليه من علوم وأنوار وأحوال على بساط الذكر وانبهر بها وشغلته عن باقي مسار الطريق وغايته يحصل له انحراف حيث تصبح المقامات والأحوال والأنوار شغله ومطلبه فيركن إليها وقد يتلبس عليه إبليس بها وفيها فيكبر انحرافه وانزلاقه وربما تتشيطن فهومه وحركاته، نعوذ بالله. لذلك كانت الصحبة في مدرسة المنهاج النبوي كسفينة نوح إذ توصل الوارد الصادق الذاكر على الطريقة النبوية إلى ربه تعالى ليتفرغ مباشرة للجهاد مع المؤمنين، وهو دأب الصحابة مع رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذ نجد كل واحد منهم لما أقبل على رسول الله، عليه صلاة الله وسلامه، وصدق به وآمن به صار ركنا من أركان التربية والتعليم والجهاد والبناء، وقدوة في البذل والعطاء.
أما إذا دخل الوارد بصدقه وبساط ذكره رحاب الجماعة برقة قلب وطيب طوية وحسن ظن بالمجاهدين ينفتح على شعب إيمان جديدة وخصال عظيمة فينفتح قلبه وعقله على علوم وأنوار جديدة لا تُتعلم إلا من معاني الذلة على المؤمنين والجهاد معهم والعزة على الكافرين والظالمين، فينجح في اختبار وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28]، فينجو من فتنة الحركة الجوفاء والأفكار السطحية ويقف على عمق تجربته الشخصية في السلوك إلى الله تعالى والاندماج في الجماعة من خلال الخصال العشر وشعب الإيمان، إذ إذا لم تكتمل مرحلته الثانية من هذه التجربة حيث ينجمع أمره وتستقيم طريقته قد يصاب بانحراف حركي سياسي ميداني فكري، وهي طامة كثيرا ما ضربت الحركات الإسلامية في الصميم، لكن إذا تمت المرحلة الثانية، مرحلة الاندماج في جماعة المؤمنين الذاكرين المجاهدين، يتأهل الوارد للمرحلة الثالثة ليعيد الدخول على قلب الصحبة وقد تشبع بقيم الجماعة فيغرف منه (أي من قلب الصحبة) حقيقة معاني التوحيد، وحقيقة معاني الربوبية، وحقيقة معاني الألوهية، وحقيقة معاني الجهاد بالرفق لا بالعنف؛ لأنه عرف حقيقة الرحمة القلبية، وحقيقة الحكمة العقلية، وحقيقة القوة الجسدية والتنظيمية، وحقيقة البذل والعطاء والخشوع والخضوع والذلة والعزة والكرامة وخدمة الإنسانية، وما إلى هذه من معان وقيم سامية، حيث تصبح الهمة عالية سامقة تطلب فهما وعلما هو معنى جوهر التوحيد، وعملا هو معنى الجهاد المستقيم في أفق الخلافة الثانية وخدمة الإنسانية وما يطلبه كل هذا من جهد ومجاهدة للنفس وجهاد في الزمان والمكان.
وبهذا يعطينا التكامل التربوي نتيجة عظمى تتجلى في التوازن في الفهم والعمل والسلوك يجسد معنى الاستقامة من مقتضى قوله تعالى: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ، وَلا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ [هود: 112 – 113].
فإذا راجع الباحث طرق إسلام الصحابة يجدها راجعة إلى مجرد رؤيتهم لسيدنا رسول الله، ومجالستهم إياه بصدق، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم يندمجون في الجماعة على معاني الولاية بين المؤمنين التي عرضها الوحي ونفذها الموحى إليه مع صحابته. ومن هنا ندرك لماذا تحدث كتاب "القرآن والنبوة" بداية عن الوحي والرسول، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعن محبته ومحبة أصحابه له، ثم عن الهجرة والنصرة (الجماعة)، ثم عن الجهاد الذي أفقه الخلافة الثانية على منهاج النبوة وهي مطلب الإنسانية الملح اليوم، إذ ضاقت ذرعا من العنف والبطش والقهر والظلم. وهكذا فالسلوك من خلال هذه الدورة التربوية يحقق قاعدة جامعة يمكن اعتبارها أم قواعد "علم المنهاج النبوي"، ومؤداها: "في فهم ووعي وسلوك المؤمن لا ينفك ولا ينفصل مصيره الفردي عند الله تعالى عن مصير أمته التاريخي".
يقول الأستاذ المرشد في الكتاب موضوع البحث: "يصف الله تبارك وتعالى المجاهدين الفائزين بصفات متدرجة يكون الجهاد نتيجة لها. فما كل مقاتل مجاهد في سبيل الله. الطريق هكذا: توبة، ثم عبادة، ثم حمد لله على نعمة الإسلام إذ تشعر بالتوبة والعبادة أي رجل صرت، ثم سياحة وهي الصيام، ثم ركوع وسجود أي إقامة عماد الدين، ثم بعد ذلك فقط تتأهل لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وبعدها تستحق أن تستأمن على حدود الله لتحفظها... إما أن تقف عند "التائبون" أو في مرحلة تالية حتى ولو كنت مقيما للصلاة، وإما أن تدخل في عداد الفائزين الفوز العظيم بجهادك بالنفس والمال بلا تحفظ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحفظ حدود الله لكيلا تنتهك في ميادين الحكم، والعبادة، والاقتصاد، وقسمة الأرزاق، ووحدة المسلمين، وقتال عدوهم، وحمل الرسالة، وتبليغها لمن حولك، ولمن يساكنك في دار الإسلام، ولمن هو اليوم في دار الدعوة، وللجن والإنس كافة" (القرآن والنبوة، ص: 94). وقد استنبط هذا من قوله تعالى في سورة التوبة: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚوَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) .
وما ينبغي ذكره هنا أن المؤمن عندما يجتاز موفقا بإذن الله تعالى المرحلة الثالثة يصبح الأمر هكذا: صحبة في جماعة، لأنه لا طريق للفوز بكنوز الصحبة النبوية وإن استقبلت الوارد في بداية توبته ورفقت به حتى دلته على الطريق السالك ما لم يفلح في الاندماج الكامل في جماعة المؤمنين المجاهدين التي صارت وعاء "علم المنهاج النبوي" لما انفتح جهادها على أفق الخلافة الثانية على منهاج النبوة، لأن حقيقة الجماعة ما هي إلا تجل عضوي لمعاني الصحبة الكاملة. ولذلك كان الأصل أن الله تعالى هو الذي تكفل ببعثة المجدد للأمة وعليه تجتمع قلوب المؤمنين فتتكون الجماعة، ولكل زمان مجدده الذي يكون عالما بوظيفته بنص حديث التجديد[2] .
إننا بهذا إزاء بحث واكتشاف مفاتيح عظمى للدخول على مقتضى "علم المنهاج النبوي" في اتجاه إنجاز عملية تجديد شاملة.

قضية الكتاب: بناء أساسات التغيير: من نور القلب مرورا بحكمة العقل إلى تغيير وجه العالم

بمقتضى الدورة التربوية في مدرسة المنهاج النبوي -المبنية على قاعدة التدرج الذي ينقل المرء من مستوى التوبة إلى مستوى الجهاد الشامل عبر تجربة شخصية مرت من مرحلة الإقبال على الصحبة بصدق الطلب، إلى مرحلة الاندماج في الجماعة، ثم الجهاد معها ومن خلالها- بمقتضى هذه الدورة الكاملة يصير المؤمن مشبعا بقيم ومعاني وفهوم كلها دائرة على معنى وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين حيث لا يُرى هذا المؤمن إلا في جهاد وبذل وعطاء بلا تحفظ؛ ولا جهاد إلا على أساس تربية وفي جماعة منظمة.
من هنا تبدأ عملية التغيير وإرساء أساساته بما حصل لهذا المؤمن من تحول جوهري على مستوى القلب، حيث صار متعلقا بالله تعالى عامرا بحب رسوله، عليه صلاة الله وسلامه، راغبا في إسداء كل خير لخلقه سبحانه تقربا منه وعبادة له.
ولذلك سيتساءل الكثيرون عن العلاقة بين ما يحدث في قلب المؤمن وبين تغيير العالم وبناء أساسات الاختيار الحر والعيش الكريم، خاصة أمام هذا الكم الهائل من النظريات التربوية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، وغيرها، مضافة إلى قوة التواصل وحجم رواج المعلومة التقنية ومستوى تغطيتها للفكر والنفس وحركة المجتمعات والمجموعات ضمن سياق أحداث تاريخية كبرى مهيمنة على أنظمة التفكير وقواعد الفكر الإنساني غاصت بالإنسان في دقائق كونية وآفاقية هائلة.
إن كتاب "القرآن والنبوة" عمل على صناعة واقع الاستقامة لضمان حركة الناس والمجتمعات والعلاقات الفردية والجماعية والدولية على قواعد العدل والحرية والتكريم الحقيقي، ومن ثمة جعل قضية له إعادة بناء حركة التاريخ على خط النبوة والرسالة"، وهي عملية تجديد شاملة. ومن ثمت كان لزاما على الكتاب بيان حقيقة العلاقة: بين الوحي وبين النبوة، وبين قلب المؤمن وبين عقله، وبين حقيقة الجماعة وبين نظام الخلافة الثانية على منهاج النبوة، وما هي الروح الناظمة للعلاقة بين هذه الكليات كلها: كلية الوحي، وكلية النبوة، وكلية القلب المؤمن، وكلية عقل المؤمن الجامع، وكلية الجماعة، وكلية الخلافة الثانية على منهاج النبوة.
فنجد أن كليتي: قلب المؤمن وعقله، تتوسطان كليتي: القرآن والنبوة وكليتي: الجماعة وخدمة الإنسانية من خلال نظام الخلافة الثانية على منهاج النبوة.
ولا شك أن هنا تكمن أهمية "علم المنهاج النبوي" في عرض هذه الكليات وبيان العلاقة فيما بينها ورسم طريقة إنجاز ذلك على أرض الواقع. وهو ما ستسعى الحلقات التالية، بحول الله تعالى إلى بيانه من خلال عرض كل كلية وما يندرج تحتها من تفاصيل ومعاني وفقرات وعبارات شكلت متن كتاب "القرآن والنبوة" لفظا ومعنى.
والله تعالى ولي التوفيق سبحانه.
[1] في زمن النبوة هو الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وفي زمن الخلافة الراشدة هم الخلفاء والصحابة، وبعد انتقاض الجماعة وعروة الحكم، صارت المجاهدة بابا للترقي الروحي حيث المجتمع مشبع بقيم الإسلام والإيمان والإحسان، وبعد حوالي ستة قرون سيظهر المجدد الرباني الكبير عبد القادر الجيلاني ليعيد للصحبة مكانها الأول في سلوك الطريق إلى الله تعالى حيث بقي الحال هكذا إذ في كل زمان ومكان يكون من أهله الله تعالى للتربية والتزكية). (سنعود لهذا الموضوع، بحول الله تعالى، نظرا لأهميته في مستقبل الأمة والإنسانية لنقف على بيانه وبحثه من خلال "علم المنهاج النبوي").
[2] سنعود بحول الله تعالى للحديث عن المجدد والتجديد، ولا ينبغي أن تحجبنا "ثقافة" العصر عن الحديث عن هذه المعاني بما هي أصول تربوية وحركية وفكرية ضرورية.