سؤال الحركة الطلابية في زمن التغيير


سؤال الحركة الطلابية في زمن التغيير



مبارك الموساوي

أولا:.عوامل التغير في المواقع الحركية للحركة الطلابية في 

المغرب.

   لما اعتبرنا تغير المواقع الحركية للحركة الطلابية في المغرب واتلاف تحالفاتها المصيرية، بعد حوالي ثلاثة عقود على ولادتها الجديدة بداية تسعينيات القرن الماضي الميلادي، خسارة عظمى للشعب المغربي، فاعتمادا على دورها الريادي في إنجاز مهام التغيير، ذلك أن تخلفها عن اللحظة التاريخية مرده إلى هذا التغير والاتلاف، وهو ما يفرض على كل معني بهذه القضية أن لا يتخلف عن المساهمة في تصحيح مسار حركة فئة تشكل القلب النابض وأمل مستقبل الأمة.

1.عامل تسطيح الحركة الطلابية.

   هناك عامل موضوعي معيق للحركة الطلابية في المغرب يتجلى في الاستراتيجية الواعية المعتمدة على المقاربة الأمنية التي تبنتها الدولة/النظام منذ فجر الاستقلال لتقويض هذه الحركة واحتوائها.

   فإذا كان هذا معطى موضوعيا راسخا، فإن الأولى هو البحث في العوامل الذاتية التي جعلت من الحركة الطلابية في المغرب تتخلف عن الموعد مع التاريخ لما لم تستطع أخذ موقعها المناسب والواجب ضمن الحراك المجتمعي القائم منذ حوالي عقد من الزمن تقريبا، خاصة بعد سنة 2011، علما أن العامل الموضوعي يصبح متجاوزا كلما اكتملت عوامل النهوض الذاتية كما يؤكد ذلك تاريخ الحركة.

   ومن المعلوم أن أغلب التحاليل المرتبطة بالموضوع تقف على الأسباب لا على العوامل، من قبيل المقارنة التبسيطية بين أجيال الحركة الطلابية التي تقلل من مكامن القوة الشخصية للطالب، وهي مغالطة حجبت عناصر القوة المناسبة للشخصية الطلابية في كل مرحلة، وغالبا ما كان هذا التبرير غطاء على العجز الذاتي لدى قيادة الحركة الطلابية في تفعيل عناصر القوة وتحقيق نجاحات مهمة في المرحلة لصالح القضية الطلابية والجامعة.
ويبرز من أهم العوامل التي ساهمت في تغير الموقع الحركي للحركة الطلابية عامل تسطيحها الذي تجلى في:

أ-تحريف وجهة التدافع.

   فمع ظهور الحركة الإسلامية بقوة داخل الحركة الطلابية في المغرب اضطربت مواقف تيارات اليسار حول هذا الظهور، والتي كانت تخوض صراعات عنيفة فيما بينها منذ تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، لكن عند مواجهتها للتيار الإسلامي، منذ بدايات تسعينيات القرن الماضي وما قبلها، حافظت على درجة الصراع في ما بينها وأضافت إليه صراعها مع الإسلاميين حيث اعتبرتهم بعض الفصائل عدو طبقيا لا تتحقق مواجهته إلا بالعنف المادي المباشر.

   ففي ظل الحظر العلمي المستمر وتمادي الدولة/النظام في استراتيجيات الاختراق الأمني والاستخباري للجسم الطلابي مضافا إلى تصعيد الصراع الفصائلي الفوقي جعل من الحركة الطلابية دورانا في الدائرة المفرغة مع تسطيح واقعها التدافعي، وهو ما شكل العامل الرئيس في تمزيق جسمها وفقدانها الموقع الحقيقي في الريادة الحركية للنضال المجتمعي والشبابي على الرغم من حجمها وقوتها.

   فما بين سنة 1989 وعام 1991 كان مخاض الولادة الجديدة للحركة الطلابية في المغرب حيث اشتد الصراع بين الفصائل اليسارية وبينها وبين الظهور الإسلامي مما أدخل الساحة الجامعية في فوضى تنظيمية وحركية فرضت على طلبة العدل والإحسان باعتبارهم القوة الطلابية الجديدة في جل الجامعات والمعاهد المغربية أن تقترح مخرجا حيث تم الإعلان عن مطلب الوضوح وإخراج وثيقة صغيرة الحجم، لكنها ذات معنى تصوري وقيمة تاريخية تحت عنوان "ميثاق طلبة العدل والإحسان".

   إن مطالبة طلبة العدل والإحسان عام 1991 بالوضوح والإعلان رسميا في الساحات الجامعية عن فصيل طلبة العدل والإحسان كان عامل تحول نوعي وجوهري في مسار الحركة الطلابية في المغرب سواء من جهة ما أحدثه في البناء الفصائلي الفوقي للحركة الطلابية أو من جهة استراتيجية النضال الطلابي ومحاوره في الساحات الجامعية.

   فماهو هذا التحول الناتج عن هذا الإعلان، وهل وفر ضمانات استمراره؟

يتبع إن شاء الله.